ﻭﻟﻳﺩ ﺧﺎﻟﺩ ﺍﻷﺳﻌﺩ هو ﺍﻟﻣﺩﻳﺭ السابق ﻟﻶﺛﺎﺭ ﻭﺍﻟﻣﺗﺎﺣﻑ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻥ سكان ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﺍﻟﺳﻭﺭﻳﺔ. في هذا ﺍﻟﻠﻘﺎء ﻳﺗﺣﺩﺙ وليد ﻣﻊ مؤرخ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﺭﺿﺎ ﻣﻭﻣﻧﻲ ﻋﻥ ﻁﻔﻭﻟﺗﻪ ﻭﻋﻣﻠﻪ ﻁﻭﺍﻝ ﺣﻳﺎﺗﻪ ﺑﻳﻥ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ آماله ﺍﻟﻣﺭﺗﺑﻁﺔ ﺑﻣﺳﺗﻘﺑﻝ ﺍﻟﻣﻭﻗﻊ.
ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 2003، وعندما ﺃﺻﺑﺢ ﺍﻷﺳﻌﺩ ﻣﺩﻳﺭاً للآثار ﻭﺍﻟﻣﺗﺎﺣﻑ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ، ﺗﻭﻟﻰ ﺍﻟﻣﻧﺻﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺷﻐﻠﻪ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺧﺎﻟﺩ ﺍﻷﺳﻌﺩ لمدة 40 عاماً. وﻗﺩ ﺍﺷﺗﻬﺭ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺑﻠﻘﺏ "ﺷﻬﻳﺩ ﺗﺩﻣﺭ"، ﻭﺫﻟﻙ ﺑﻌﺩﻣﺎ ﻗﺗﻠﻪ ﺗﻧﻅﻳﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍلإﺳﻼﻣﻳﺔ (ﺩﺍﻋﺵ) ﻋﻠﻧﺎً ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1.2015
ﺧﺿﻌﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺣﺭﻳﺭ ﻭﺍﻟﺗﻠﺧﻳﺹ.
ﻛﻳﻑ ﻳﻣﻛﻥ ﻟﻁﻔﻝ ﺻﻐﻳﺭ ﺃﻥ ﻳﺗﺭﺑﻰ ﻓﻲ ﻣﻭﻗﻊ ﺃﺛﺭﻱ ﻣﺛﻝ تدمر؟2
ﺃولاً، ﺍﺳﻣﺣﻭﺍ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺷﻛﺭﻛﻡ ﺟﻣﻳﻌﺎً. ﻛﻣﺎ ﻭﺗﺷﺭﻓﻧﻲ ﺻﺣﺑﺗﻛﻡ ﺑﻛﻝ ﺗﺄﻛﻳﺩ. ﺃﻋﺗﻘﺩ ﺃﻧﻧﻲ ﻛﻧﺕ ﻣﺣﻅﻭﻅﺎً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺄﻥ ﺃﻭﻟﺩ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻣﻥ ﺍﻷﻫﻣﻳﺔ، ﺛﻡ ﺃﺗﺭﻋﺭﻉ ﻭﺃﻋﻳﺵ ﻓﻳﻪ. ﺗﻌﺩ ﺗﺩﻣﺭ ﺑﻛﻝ ﺗﺄﻛﻳﺩ ﻣﺩﻳﻧﺔ ﻭﻣﻭﻗﻌﺎً ﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺎً ﺍﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻳﺎً ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻧﻅﺭﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺧﺭﻳﻁﺔ ﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ، ﻛﻣﺎ ﺗﺣﻅﻰ ﺑﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺇﺫﺍ ﺗﺣﺩﺛﻧﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺗﺭﺓ ﺍﻟﻛﻼﺳﻳﻛﻳﺔ. ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻣﻥ ﺍﻟﺣﻅ ﺍﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ ﺍﻟﺣﺳﻥ ﻟﻠﻣﺭء ﺃﻥ ﻳﻘﺿﻲ ﻁﻔﻭﻟﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺛﻝ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﻛﺎﻥ، ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻳﺵ ﺑﺟﻭﺍﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ ﺍﻟﻌﻅﻳﻣﺔ، ﻭﺫﻟﻙ ﺣﺗﻰ ﻳﺣﻅﻰ ﺑﻔﺭﺻﺔ ﻣﻼﻣﺳﺗﻬﺎ ﻭﺭﺅﻳﺗﻬﺎ، ﺑﻝ ﻭﺣﺗﻰ ﺍﻟﺗﻌﺎﻳﺵ ﻣﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺟﻣﻭﻋﺔ ﺍﻟﺿﺧﻣﺔ ﺍﻟﻔﺭﻳﺩﺓ ﻣﻥ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻭﺍﻟﺗﻲ ﺗﻌﺩ ﻣﺻﺩﺭﺍً ﺩﺍﺋﻣﺎً ﻟﻠﺳﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻔﺧﺭ.
ﻭﻗﺩ ﺃﺩﺭﻛﺕ ﻣﺩﻯ ﺃﻫﻣﻳﺔ ﺗﺩﻣﺭ ﺣﻳﻥ ﻗﺎﺭﻧﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﺧﺭﻯ ﺍﻟﺗﻲ ﺭﺃﻳﺗﻬﺎ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺩﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺟﺎﻣﻌﺔ، ﻭﺃﺛﻧﺎء ﺳﻔﺭﻱ، ﻭﻏﻳﺭﻫﺎ ﻣﻥ ﺍﻷﻣﺎﻛﻥ ﺍﻟﺗﻲ ﻣﺭﺭﺕ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻲ. ﻭﻳﺑﺩﻭ ﺫﻟﻙ ﺟﻠﻳﺎً ﻓﻲ ﺑﻌﺽ ﺍﻷﺣﻳﺎﻥ ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺗﻘﺎﺑﻝ ﺷﺧﺻﺎً ﻣﺎ ﻭﺗﻌﺭﻓﻪ ﺑﻧﻔﺳﻙ ﺛﻡ ﺗﺧﺑﺭﻩ ﺑﺄﻧﻙ ﻣﻥ ﺗﺩﻣﺭ ﻓﺗﻛﻭﻥ ﺭﺩﺓ ﻓﻌﻠﻪ "ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ، ﺃﻧﺗﻡ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﺯﻧﻭﺑﻳﺎ! ﺃﻧﺗﻡ ﻣﻥ ﻣﺩﻳﻧﺗﻬﺎ"! ﺑﻝ ﻭﻗﺩ ﺍﻣﺗﺩﺕ ﺷﻬﺭﺓ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﺣﺗﻰ ﺇﻧﻙ ﻟﺗﺻﺎﺩﻑ ﺃﺣﺩ ﺍﻷﺷﺧﺎﺹ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﺯﺍﺭﻭﺍ ﻣﻭﺍﻗﻊ ﻗﺩﻳﻣﺔ ﻓﻲ سورية ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ ﺍﻟﻣﺛﺎﻝ، ﻭﻋﻧﺩﻣﺎ ﺗﺧﺑﺭﻫﻡ ﺃﻧﻙ ﻣﻥ ﺗﺩﻣﺭ، ﺗﺟﺩﻩ ﻳﻘﻭﻟﻙ ﻟﻙ: " ﺁﻩ، ﻟﻘﺩ ﺯﺭﺕ ﺗﺩﻣﺭ ﻣﻥ ﻗﺑﻝ! ﻟﺩﻱ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﺫﻛﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﺟﻣﻳﻠﺔ ﻫﻧﺎﻙ." ﻭﻗﺩ ﺃﺭﺍﻧﻲ ﺑﻌﺽ ﺍﻷﺷﺧﺎﺹ ﺻﻭﺭﺍً ﻟﻬﻡ ﺑﺻﺣﺑﺔ ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ.
ﻭﺇﻧﻧﻲ ﺃﺗﺳﺎءﻝ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺷﺧﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻳﻌﻳﺵ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﻭﻗﺩ ﺯﺍﺭﻫﺎ ﻟﻔﺗﺭﺓ ﻭﺟﻳﺯﺓ ﻭﺍﺳﺗﻣﺩ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺷﺎﻋﺭ ﺍﻟﻔﺧﺭ ﻭﺍﻻﺣﺗﺭﺍﻡ، ﻓﻣﺎ ﺑﺎﻟﻛﻡ ﺑﻣﻥ ﻛﺎﻧﺕ ﺣﻳﺎﺗﻪ كلها ﻫﻧﺎﻙ؟ ﻟﺫﺍ، ﻓﺈﻧﻧﻲ ﺃﻛﻥ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺷﺎﻋﺭ ﺍﻟﺭﺍﺋﻌﺔ ﺗﺟﺎﻩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ. ﻭﺗﺯﺩﺍﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺷﺎﻋﺭ ﺃﻳﺿﺎً ﻭﺗﺗﻧﺎﻣﻰ ﻷﻧﻧﻲ ﻛﻧﺕ ﻭﺛﻳﻖ ﺍﻟﺻﻠﺔ ﺑﺂﺛﺎﺭﻫﺎ. ﺇﺫ ﻛﻧﺕ ﺃﺳﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﻣﺎﻉ ﺃﺧﺑﺎﺭﻫﺎ كثيراً، ﻭﻟﻡ ﺃﻗﺗﺻﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻣﺩﺭﺳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺷﺎﺭﻉ ﻓﻘﻁ، ﺑﻝ ﻛﻧﺕ ﺃﺗﺎﺑﻌﻬﺎ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺷﺧﺹ ﻣﺎ أﻋﻧﻲ، ﺃبي ،الذي كان ﻳﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻁﻭﺍﻝ ﺍﻟﻭﻗﺕ، ﻭﺑﺎﻟﺗﺣﺩﻳﺩ ﺑﻳﻥ ﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ ﺍﻟﻣﻭﻏﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺩﻡ. ﻭﻗﺩ ﻛﺎﻥ ﻟﺫﻟﻙ ﺗﺄﺛﻳﺭ ﺑﺎﻟﻎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﻳﺗﻲ.
ﻛﻳﻑ ﻛﺎﻧﺕ ﺣﻳﺎﺗﻙ ﻋﻧﺩﻣﺎ ﻛﻧﺕ طفلاً صغيراً ﺗﻌﻳﺵ ﻭﺗﻠﻌﺏ ﻓﻲ ﺃﻧﺣﺎء ﻣﺩﻳﻧﺔ ﺗﺩﻣﺭ ﻭﺑﻳﻥ ﺁﺛﺎﺭﻫﺎ؟
ﻓﻲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺭ، ﻟﻡ يكن ﻋﻘﻠﻲ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﻲ ﻳﺩﺭﻙ ﻣﺩﻯ ﺃﻫﻣﻳﺔ ﺍﻟﻣﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﺟﻣﺎﻟﻪ، ﺇﺫ ﻳﺻﻌﺏ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻣﺭﻳﺔ. ﺇﻻ ﺇﻥ ﺇﺩﺭﺍﻛﻲ ﻗﺩ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻣﻊ ﻣﺭﻭﺭ ﺍﻟﻭﻗﺕ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻅﻝ ﺇﻗﺎﻣﺗﻲ ﺍﻟﻣﺳﺗﻣﺭﺓ ﻫﻧﺎﻙ.
ﻭﻛﻣﺎ ﻗﻠﺕُ ﺳﺎﺑﻘﺎً، ﺇﻥ ﺛﺭﻭﺗﻲ ﺍﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﺗﻛﻣﻥ ﻓﻲ ﻛﻭﻧﻲ ﺍﺑﻥ ﺧﺎﻟﺩ ﺍﻷﺳﻌﺩ، ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺭﺟﻝ ﺍﻟﺫﻱ عُيّنَ ﻣﺩﻳﺭﺍً ﻟﻶﺛﺎﺭ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻗﺑﻝ ﺳﺗﺔ ﺃﻭ ﺳﺑﻌﺔ ﺃﻋﻭﺍﻡ ﻣﻥ تاريخ ﻭﻻﺩﺗﻲ. ﻭﺫﻟﻙ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻧﻲ ﻣﺭﺗﺑﻁﺎً ﻳﻭﻣﻳﺎً ﻭﺑﺻﻭﺭﺓ ﻣﺑﺎﺷﺭﺓ ﻣﻊ ﻛﻝ ﺍﻛﺗﺷﺎﻑ ﺟﺩﻳﺩ ﻓﻭﺭ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻧﻪ. ﻭﻻ ﺃﺯﻋﻡ ﺃﻧﻧﻲ ﻛﻧﺕ ﺃﻓﻬﻡ ﻛﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﺩﺍﻳﺔ. ﻭﻟﻛﻥ ﻭﻣﻊ ﻣﺭﻭﺭ ﺍﻟﻭﻗﺕ، ﻭﻷﻧﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ ﺍﻟﻣﺛﺎﻝ ﻛﻧﺕ ﺃﻗﺎﺑﻝ ﺍﻟﺑﻌﺛﺎﺕ الآثارية ﺃﻭ ﺍﻟﻭﻓﻭﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻟﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﺃﻭ ﺃﻱ معلَمٍ ﻓﻳﻬﺎ، ﻓﻘﺩ أُﺗﻳﺣﺕ ﻟﻲ ﺍﻟﻔﺭﺻﺔ ﻟﻼﺳﺗﻣﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻣﻭﺍﺿﻳﻊ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺣﺩﺛﻭﺍ ﻋﻧﻬﺎ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻣﻌﻠﻭﻣﺎﺕ ﺍﻟﺗﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺭﻭﻳﻬﺎ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﺭﺣﻣﻪ ﷲ. ﻭﻗﺩ ﺗﺳﺑﺏ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ إدراكي لأﻫﻣﻳﺔ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ.
ﻛﻣﺎ ﺣﻅﻳﺕ ﺃﻳﺿﺎ ﺑﻔﺭﺻﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻷﻧﻧﻲ ﺗﺭﻋﺭﻋﺕ ﺑﺎﻟﻘﺭﺏ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺗﺣﻑ. ﺇﺫ كانت تفصله ﻋﻥ ﻣﻧﺯﻟﻧﺎ ﺑﺿﻌﺔ ﺃﻣﺗﺎﺭ ﻓﻘﻁ. ﻟﺫﻟﻙ، ﻭﻋﻧﺩﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳُﺳﻣﺢ ﻟﻧﺎ ﺑﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﻣﺩﺭﺳﺗﻲ ﺍﻻﺑﺗﺩﺍﺋﻳﺔ -ﻭﺑﺎﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ، ﻛﺎﻧﺕ ﻣﺩﺭﺳﺗﻲ ﺗﺳﻣﻰ ﻣﺩﺭﺳﺔ ﺍﻟﻣﻠﻛﺔ ﺯﻧﻭﺑﻳﺎ- ﻛﻧﺕ ﺃﻗﻁﻊ ﺍﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ﺑﻳﻥ مدرستي وﻣﻧﺯﻟﻲ ﻭﺍﻟﻣﺗﺣﻑ ﻓﻲ ﺑﺿﻊ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻓﻘﻁ (ﻻ ﺗﺯﻳﺩ ﻋﻥ ﺧﻣﺱ ﺩﻗﺎﺋﻖ). ﻭﻋﻧﺩﻣﺎ ﻧﺧﺭﺝ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺩﺭﺳﺔ، ﻟﻡ ﺗﻛﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ آنذاك أية ﻣﺗﻧﺯﻫﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﻼﻋﺏ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺷﻲء ﻣﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺑﻳﻝ، وأنا ﺃﺗﺣﺩﺙ ﻫﻧﺎ ﻋﻥ ﻓﺗﺭﺓ ﺍﻟﺳﺑﻌﻳﻧﺎﺕ. ﻓﻠﻡ ﻳﻛﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺃﻣﺎﻛﻥ ﺍﻟﺗﻧﺯﻩ. ﻟﺫﻟﻙ، ﻛﻧﺕ ﻣﺣﻅﻭﻅﺎً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﻘﺩﺭﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺧﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻣﺗﺣﻑ ﻭﻣﺷﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﻣﺟﻣﻭﻋﺎﺕ ﺍﻷﺛﺭﻳﺔ؛ ﻛﺎﻥ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻲ ﺭﺅﻳﺗﻬﺎ ﻛﻝ ﻳﻭﻡ.
ﻛﻡ ﻋﺩﺩ ﺃﺟﻳﺎﻝ ﻋﺎﺋﻠﺗﻙ ﺍﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛﻧﻙ ﺍﻟﻘﻭﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﻋﺎﺷﺕ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ؟
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻳﻠﻲ، ﺃﻋﺭﻑ ﺧﻣﺳﺔ ﺃﺟﻳﺎﻝ ﺃﺧﺭﻯ. ﻟﻛﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﻌﺎﺋﻼﺕ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﻠﻙ -ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ ﺍﻟﻣﺛﺎﻝ- ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺗﺷﻳﺭﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺟﺫﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﺗﻣﺗﺩ ﻟﺣﻭﺍﻟﻲ ﺃﺭﺑﻌﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎﻡ.
ﻛﻣﺎ ﺗﻣﺗﻠﻙ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﻌﺎﺋﻼﺕ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ، ﻭﺃﺩﻟﺔ، ﻭﻣﺧﻁﻭﻁﺎﺕ ﻛﺗﺑﺕ – طبعاً ﻭﺟﺩﺕ ﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻣﻧﻘﻭﺷﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ العربية - ﺑﺎﻟﺧﻁ ﺍﻟﻛﻭﻓﻲ ﺗﺫﻛﺭ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺑﻧﻲ ﺯﻳﺗﻭﻥ ﻭﺍﻟﺗﻲ ﺳﻣﻳﺕ ﺗﻳﻣﻧًﺎ ﺑﺷﺟﺭﺓ ﺍﻟﺯﻳﺗﻭﻥ، ﻭﻻ ﺗﺯﺍﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺗﻘﻳﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﺇﻟﻰ ﻳﻭﻣﻧﺎ ﻫﺫﺍ.
ﻭهناك ﺃﻳﺿﺎ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻘﻳّﻡ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺟﺫﻭﺭ ﺍﻟﻘﺩﻳﻣﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﻛﻣﺎ ﻳﺫﻛﺭ ﺍﻟﺑﻌﺽ ﺃﻥ ﺃﺻﻭﻝ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺷﻳﺦ ﺗﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ يقرب ﻣﻥ 400 ﻋﺎﻡ، ﻭﻗﺩ ﻛﺎﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﻗﺑﺭ ﻷﺣﺩ ﺃﻭﺍﺋﻝ ﺭﺟﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻣﺅﻣﻧﻳﻥ ﻫﻧﺎ، ﻭﺍﺳﺗﻣﺭ ﻭﺟﻭﺩﻩ ﺣﺗﻰ ﻓﺟﺭﺗﻪ ﺩﺍﻋﺵ. ﻛﺎﻥ ﻣﻭﻗﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﺣﺔ، ﺇﺫ أُقيمَ ﻟﻪ ﻫﻧﺎﻙ ﺿﺭﻳﺢ ﺻﻐﻳﺭ ﻟﻳﺯﻭﺭﻩ ﺍﻟﻧﺎﺱ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺳﻣﻪ ﺷﻛﺎﺱ، ﺍﻟﺷﻳﺦ ﺷﻛﺎﺱ. ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ أُطلقَ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺟﺎءﺕ ﻣﻥ ﻧﺳﻠﻪ ﺍﺳﻡ ﺍﻟﺷﻳﺦ.3
ﻳُﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﻭﺍﻟﺩﻙ ﺍﻟﺭﺍﺣﻝ ﻛﺎﻥ ﻣﻬﺗﻣﺎ ﺟﺩﺍ ﺑﻌﻠﻡ ﺍﻷﻧﺳﺎﺏ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺳﻛﺎﻥ ﺗﺩﻣﺭ.
ﻧﻌﻡ ﺑﻛﻝ ﺗﺄﻛﻳﺩ، ﻛﺎﻥ ﻣﻬﺗﻣﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺫﻟﻙ. ﺇﺫ أنّه ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺑﻧﻲ ﺷﺟﺭﺓ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺿﺧﻣﺔ ﻟﻠﻌﺎﺋﻼﺕ ﺍﻟﺭﺋﻳﺳﻳﺔ - ﺗﻠﻙ ﺍﻟﺗﻲ ﻛﻧﺎ ﻧﺗﻛﻠﻡ ﻋﻧﻬﺎ ﻭﻏﻳﺭﻫﺎ ﺃﻳﺿﺎ- ﻟﻳﺭﺑﻁﻬﺎ ﺑﺄﺳﻼﻓﻬﺎ. ﻭﻗﺩ ﻛﺎﻥ ﻳﺣﺎﻭﻝ ﺗﺳﻠﻳﻁ ﺍﻟﺿﻭء ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻧﺳﺏ، ﺃﻭ ﻭﺛﺎﺋﻖ، ﺃﻭ ﻛﺗﺏ، ﺃﻭ ﻣﺭﺍﺟﻊ ﻗﺩ ﺗﺗﺣﺩﺙ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻣﺭ ﻛﻠﻣﺎ ﺳﻧﺣﺕ ﻟﻪ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺑﻔﻌﻝ ﺫﻟﻙ. ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻡ ﺍﻟﻌﻣﻝ، ﻭﻛﻧﺕ ﺃﺫﻫﺏ ﻣﻌﻪ ﺃﺣﻳﺎﻧًﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﻣﻠﻪ. ﻭﻛﻧﺕ ﺃﺣﺿﺭ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺽ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﺟﺗﻣﺎﻋﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺟﺭﻳﻪ ﻣﻊ ﺑﻌﺽ ﻛﺑﺎﺭ ﺍﻟﺳﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ ﺍﻟﻣﺛﺎﻝ. ﻛﺎﻥ ﺣﺭﻳﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺳﺟﻝ ﻛﻝ ﻛﻠﻣﺔ ﺗﺧﺹ ﺃﻱ ﺷﺧﺹ ﺃﻭ ﺗﺧﺹ ﺍﻷﺳﻼﻑ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ.
ﻟﻘﺩ ﺣﺎﻭﻝ ﺭﺑﻁ ﻛﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﻌﻠﻭﻣﺎﺕ ﺑﺑﻌﺿﻬﺎ، ﻭﺃﻋﺗﻘﺩ ﺃﻧﻧﺎ ﺳﻠﻣﻧﺎ ﻛﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺳﺗﻧﺩﺍﺕ ﺍﻟﻣﻛﺗﻭﺑﺔ ﺑﺧﻁ ﺍﻟﻳﺩ ﻓﻲ ﺃﺣﺩ ﺃﻋﻭﺍﻡ 2010، ﺃﻭ 2011، ﺃﻭ 2012. ﻭﻟﻛﻧﻧﺎ ﻭﻟﻸﺳﻑ كنّا ﻗﺩ ﺍﻗﺗﺭﻓﻧﺎ ﺧﻁﺄ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ. ﺇﺫ ﻟﻡ ﻧﺣﺗﻔﻅ ﺑﻧﺳﺧﺔ ﺃﻭ ﺻﻭﺭﺓ ﺭﻗﻣﻳﺔ ﻣﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ. ﻟﻘﺩ ﺃﺭﺳﻠﻧﺎﻫﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ أحد الأشخاص ﻹﺩﺧﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻛﻣﺑﻳﻭﺗﺭ. ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺟﻝ ﺍﺑﻧﺔ ﺗﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ ﺗﻛﻧﻭﻟﻭﺟﻳﺎ ﺍﻟﻣﻌﻠﻭﻣﺎﺕ (IT) ﻛﻣﻬﻧﺩﺳﺔ ﺑﻳﺎﻧﺎﺕ، ﻭﻗﺩ ﻭﻋﺩﻧﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﺗﻌﺎﻟﺞ ﺍﻟﻣﻠﻑ ﻭﺗﺣﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻠﻑ ﺭﻗﻣﻲ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻙ، ﻭﺑﻌﺩ ﻓﺗﺭﺓ ﻗﺻﻳﺭﺓ، ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 2013 ﺃﻭ 2014، ﺗﻡ ﺗﺟﺎﻫﻝ ﺍﻷﻣﺭ. ﺣﺎﻭﻟﺕ ﺍﻟﺗﻭﺍﺻﻝ ﻣﻌﻬﺎ فيما بعد ﻟﻠﺣﺻﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺧﺔ ﻣﻥ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ، ﻭﻟﻛﻧﻬﺎ ﺃﺻﺭﺕ على ﺃﻥ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺑﻘﻳﺕ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻭﻟﻡ ﺗﺗﻣﻛﻥ ﻣﻥ ﺇﻋﺩﺍﺩ ﻧﺳﺧﺔ ﺭﻗﻣﻳﺔ ﻣﻧﻬﺎ.
ﻛﺎﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﻣﻠﻔﺎﻥ ﺑﺎﻟﺗﺣﺩﻳﺩ ﻛﻧﺕ ﺃﺗﻣﻧﻰ ﺗﺣﻭﻳﻠﻬﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﺳﺧﺔ ﺭﻗﻣﻳﺔ: ﻣﻠﻑ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻫﺫﺍ، ﺃﻋﻧﻲ ﺷﺟﺭﺓ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺍﻷﺳﻼﻑ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ، ﻭﻣﻠﻑ ﺁﺧﺭ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻣﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻥ ﻟﻐﺔ ﺗﺩﻣﺭ. ﻟﻘﺩ ﺣﺎﻭﻝ ﻭﺿﻊ ﻣﻧﻬﺞ ﺩﺭﺍﺳﻲ ﻳﻭﺿﺢ ﻛﻳﻔﻳﺔ ﻗﺭﺍءﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺗﻌﻠﻣﻬﺎ، ﻓﺿﻼ ﻋﻥ ﺇﻋﺩﺍﺩ ﻗﺎﻣﻭﺱ ﻣﺎ ﺑﻳﻥ ﻟﻐﺔ ﺗﺩﻣﺭ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺑﻳﺔ. ﻟﻛﻧﻧﺎ ﻟﻡ ﻧﺗﻣﻛﻥ ﻣﻥ ﺃﺧﺫﻩ ﻣﻌﻧﺎ. ﻭﻟﻸﺳﻑ ﺍﺧﺗﻔﻰ ﺍﻟﻣﻠﻑ وضاع مع ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﻷﺧﺭﻯ.
ﺣﺩﺛﻧﺎ ﻋﻥ ﻭﺍﻟﺩﻙ ﺍﻟﺭﺍﺣﻝ. ﻟﻐﺎﻟﺑﻳﺔ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻻ ﻳﻌﺭﻓﻭﻥ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﺩﻣﺭ ﺍﻟﺣﺩﻳﺙ، ﻛﻳﻑ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﺗﺻﻑ ﻭﺍﻟﺩﻙ؟
ﻛﻣﺎ ﺗﻌﻠﻡ، ﻳﺻﻌﺏ ﺍﻟﺣﺩﻳﺙ ﻋﻥ ﺷﺧﺹ ﺃﻓﻧﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺧﻣﺳﻳﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻥ ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ ﻭﺍﺣﺩ ﻭﻟﻡ ﺗﻛﻥ ﻟﺩﻳﻪ ﺭﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﺭﻛﻪِ ﻣﻁﻠﻘﺎً. ﻋﻧﺩﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻁﺎﻟﺑﺎ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻡ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻣﺗﺎﺣﺎ ﺣﺗﻰ ﺍﻟﺻﻑ ﺍﻟﺭﺍﺑﻊ ﻓﻘﻁ، ﺃﻱ ﺃﻭﻝ ﺃﺭﺑﻊ ﺃﻭ ﺧﻣﺱ ﺳﻧﻭﺍﺕ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺩﺭﺳﺔ ﻓﻘﻁ. ﻭﺑﻌﺩ ﺫﻟﻙ، ﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﺃﺣﺩ ﻳﻌﻠﻣﻬﻡ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺇﻛﻣﺎﻝ ﺍﻟﺗﻌﻠﻳﻡ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺩﻣﺷﻖ ﻓﻲ ﺳﻥ ﺍﻟﻌﺎﺷﺭﺓ، ﺍﻷﻣﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺁﺧﺭﻭﻥ ﻗﺑﻠﻪ (ﻗﺎﺑﻠﺗﻬﻡ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﺳﺎﺑﻖ) ﻭﺍﺳﺗﻣﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻷﻣﺭ ﺣﺗﻰ ﺍﻷﺭﺑﻌﻳﻧﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺧﻣﺳﻳﻧﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺳﺗﻳﻧﺎﺕ ﻣﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻣﺎﺿﻲ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻡ ﺍﻓﺗﺗﺎﺡ ﻣﺩﺭﺳﺔ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ. ﻭﻟﻡ ﺗﻛﻥ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺍﻧﺗﻘﺎﻝ ﺻﺑﻲ ﻳﺑﻠﻎ ﻣﻥ ﺍﻟﻌﻣﺭ 10 ﺳﻧﻭﺍﺕ ﻟﻳﻌﻳﺵ ﻓﻲ ﺩﻣﺷﻖ ﻭﺣﻳﺩﺍ ﺃﻣﺭﺍ ﻫﻳﻧًﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻳﻧﺎﺕ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺛﻼﺛﻳﻧﺎﺕ ﻣﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻣﺎﺿﻲ. ﺇﻧﻧﻲ ﺃﺣﺩﺛﻛﻡ ﻋﻥ ﻣﻛﺎﻥ ﺻﺣﺭﺍﻭﻱ، ﻣﻛﺎﻥ ﻗﺭﻭﻱ، ﻳﻣﻛﻧﻧﻲ ﺣﺗﻰ ﻭﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﻣﻛﺎﻥ القَبَلي. ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﻫﻧﺎﻙ ﻳﻬﺗﻣﻭﻥ ﺑﺣﺭﺙ ﺍﻟﺗﺭﺑﺔ، ﻭﺍﻟﺯﺭﺍﻋﺔ، ﻭﺍﻟﺗﺄﻛﺩ ﻣﻥ ﺃﻥ ﻟﺩﻳﻬﻡ ﻣﺎ ﻳﻛﻔﻲ ﻣﻥ ﺍﻟﻘﻭﺕ ﻟﻠﻌﻳﺵ ﺑﺷﻛﻝ ﻋﺎﻡ. ﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻣﻧﺎﻁﻖ ﺍﻟﺭﻳﻔﻳﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ ﺃﻱ ﻣﺩﺭﺳﻳﻥ.
ﻭﻗﺩ ﺃﻧﻬﻰ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﺩﺭﺍﺳﺗﻪ ﻓﻲ ﺩﻣﺷﻖ ﻭﺣﻣﺹ، ﻭﺣﺻﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻣﺎﺟﺳﺗﻳﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻷﺛﺭﻳﺔ، ﻭﻋﻳّﻥ ﻓﻲ المديرية العامة للآثار. ﻭﺭﺑﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻗﺗﻪ ﺍﻟﺫﻱ قضى ﺟﻠّﻪ ﻓﻲ ﻓﻧﺩﻕ ﺯﻧﻭﺑﻳﺎ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻥ ﺁﺛﺭﻳﺔ ﺃﺧﺭﻯ ﺍﻟﺳﺑﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺩﺭﺱ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ، ﻭﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﺧﺎﺫ ﻗﺭﺍﺭ ﺑﺎﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺗﺩﻣﺭ ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩﺕ مديرية ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺇﻧﺷﺎء دائرة ﻭﻣﺗﺣﻑ ﻟﻶﺛﺎﺭ ﻫﻧﺎﻙ.
ﻛﻣﺎ ﺳﻌﻰ ﺍﻟﻰ ﺗﻁﻭﻳﺭ ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟﻁﺑﻊ ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﺑﻌﺛﺎﺕ ﺍﻷﺧﺭﻯ ﻭﻣﻊ ﻋﻠﻣﺎء ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻣﻥ ﺟﻣﻳﻊ ﺃﻧﺣﺎء ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ. ﻭﻗﺩ ﺗﻣﻳﺯ ﺑﻘﺩﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﺍء ﺃية ﻣﻬﻣﺔ ﻛﺑﻳﺭﺓ ﻓﻲ ﻅﻝ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺻﻌﺑﺔ، ﻭﺍﻷﺣﻭﺍﻝ ﺍﻟﻘﺎﺳﻳﺔ، ﻭﻣﻊ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻣﻭﺍﺭﺩ ﻭﻧﺩﺭﺗﻬﺎ؛ ﻭﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﺳﻭﻯ ﺍﻟﻘﻠﻳﻝ ﻣﻥ ﻋﻠﻣﺎء ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻭﻏﻳﺭﻫﻡ ﻣﻥ ﺍﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺟﺎﻻﺕ ﺍﻟﻣﺷﺎﺑﻬﺔ ﺍﻷﺧﺭﻯ. ﺇﺫ ﻟﻡ ﺗﻛﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﻣﺗﻭﻓﺭﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ. ﻭﻟﻛﻧﻪ ﻣﻊ ﻛﻝ ﺫﻟﻙ ﺗﻣﻛﻥ ﻣﻥ ﺍﻟﺗﻐﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺻﺎﻋﺏ، ﻭﺣﻭﻝ دائرة ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺩة ﻣﻥ ﺃﻛﺛﺭ دوائر ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻧﺷﺎﻁﺎ ﻭﻓﻌﺎﻟﻳﺔ ﻓﻲ سورية.
ﻟﻘﺩ ﺍﻣﺗﺩ ﻋﻣﻠﻪ ﻟﻣﺩﺓ 40 ﻋﺎﻣﺎ ﺗﻘﺭﻳﺑﺎ ﻣﻥ ﻋﺎﻡ 1963 وﺣﺗﻰ تقاعده ﻋﺎﻡ2003، ﺇﻻ أﻥ ﺗﻘﺎﻋﺩﻩ ﻟﻡ ﻳﻣﻧﻌﻪ ﻣﻥ ﺍﻟﺗﻭﺍﺟﺩ ﺍﻟﻣﺳﺗﻣﺭ ﻓﻲ متحف ﺗﺩﻣﺭ وآثارها ﻷﻧﻧﻲ ﻛﻧﺕ ﺃعمل ﻫﻧﺎﻙ، ﻭﺍﻷﻫﻡ ﻣﻥ ﺫﻟﻙ ﺑﺳﺑﺏ ﺣﺑﻪ ﺍﻟﻛﺑﻳﺭ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ. ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺗﻌﻳﻳﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻧﺻﺏ ﺭﺋﻳﺱ دائرة ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺑﻌﺩﻩ ﺳﺑﺑﺎ ﻟﺗﻭﺍﺟﺩﻩ ﺍﻟﻣﺳﺗﻣﺭ ﻫﻧﺎﻙ ﻛﻝ ﻳﻭﻡ ﺗﻘﺭﻳﺑﺎ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻝ ﻋﻥ ﻣﺭﺗﻳﻥ ﺃﻭ ﺛﻼﺙ ﻣﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺑﻭﻉ؛ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﻟﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻣﺗﺣﻑ، ﻭﻳﻘﺩﻡ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﻧﺻﺎﺋﺢ، ﻭﻟﻡ ﻳﺗﻭﻗﻑ ﺃﺑﺩﺍ ﻋﻥ ﺗﺭﺟﻣﺔ ﺍﻟﻧﺻﻭﺹ ﻭﺗﻘﺩﻳﻡ ﺍﻟﻣﺷﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺧﺑﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺗﻧﻣﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻣﻘﺩﻣﺔ ﻣﻥ ﺍﻻﺗﺣﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ ﻭﺍﻟﻳﻭﻧﺳﻛﻭ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ.
ﻟﻘﺩ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻭﺍﺻﻝ ﺑﻛﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺟﻬﺎﺕ، ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻧﻅﺭ ﺍﻵﺧﺭﻳﻥ ﻧﻣﻭﺫﺟﺎ ﻟﻠﺧﺑﻳﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﻣﻛﻥ ﺍﻻﻋﺗﻣﺎﺩ ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ ﺟﻣﻳﻊ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ. ﻟﺫﻟﻙ، ﻓﻘﺩ ﺩﻋﺎﻩ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﻟﻠﺗﺭﺣﻳﺏ ﺑﺎﻟﻭﻓﻭﺩ، ﺣﺗﻰ ﺑﻌﺩ ﺗﻘﺎﻋﺩﻩ، ﻭﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺗﺭﺟﻣﺔ النقوش التدمرية، ﻭﺗﻘﻳﻳﻡ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﺗﺣﻑ ﺍﻟﻘﺩﻳﻣﺔ، ﻭﺗﺣﺩﻳﺩ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺕ ﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﺃﻭ ﻻ؛ ﻟﻘﺩ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺧﻳﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﻣﻸ ﻗﻠﺑﻪ ﻭﺭﺍء ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻛﻝ ﺫﻟﻙ، ﻻ ﺍﻟﺭﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﺃﻱ ﺗﻌﻭﻳﺽ.
ﻣﺗﻰ ﺑﺩﺃ ﻭﺍﻟﺩﻙ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻳﻣﻙ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﺩﻣﺭ ﻭﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺧﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﺣﺎﻁﺕ ﺑﻙ؟
ﺩﻋﻧﻲ ﺃﻗﻭﻝ بأنني كنت ﻣﺣﻅﻭﻅﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ﻭﺃﻧﺎ ﻓﺧﻭﺭ ﺑﻛﻭﻧﻲ ﺍﺑﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺟﻝ، ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻣﺎ ﻳﺗﻣﻳﺯ ﺑﻪ ﻣﻥ ﺍﻻﻧﻔﺗﺎﺡ ﺍﻟﻔﻛﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺩﻱ، ﻟﻘﺩ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﻳﻔﺗﺧﺭ ﺑﺈﻳﻣﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺩﻳﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻬﻣﻪ ﺑﺎﻟﻁﺭﻳﻘﺔ ﺍﻟﺻﺣﻳﺣﺔ. ﻟﻘﺩ ﻛﺎﻥ ﻓﺧﻭﺭﺍ ﺑﺄﺻﻠﻪ ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ، ﻭﻓﺧﻭﺭﺍ ﺑﺈﻧﺳﺎﻧﻳﺗﻪ. ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺗﻘﺩ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﻛﺎﻥ ﺟﺯء ﻣﻥ ﻫﻭﻳﺗﻪ.
ﺣﺎﻭﻝ دائماً ﺷﺭﺡ ﺍﻟﻣﺷﺎﺭﻳﻊ الأثرية ﺍﻟﺗﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻣﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ. ﻛﺎﻥ ﻳﺟﻳﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺳﺅﺍﻝ ﻳﻌﺭﻑ ﺟﻭﺍﺑﻪ ﻗﺎﺋﻼ "ﺍﻟﺟﻭﺍﺏ ﻫﻭ ﻛﺫﺍ." ﻭﻟﻛﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺗﺣﻠﻰ ﺑﺎﻟﺷﺟﺎﻋﺔ كي يقول "ﻻ ﺃﻋﺭﻑ" ﺇﻥ ﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﺍﻟﺻﺣﻳﺣﺔ. ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺭﺩﺩ المقولة ﺍﻟﻣﺷﻬﻭﺭﺓ: "نصف العلم هو أن تقول لا أعلم". ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ ﻛﺎﻥ ﻳﺳﺎﻋﺩﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﺍءﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺳﻣﺢ ﻟﻧﺎ ﺑﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻣﺗﺣﻑ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺄﺧﺫﻧﺎ في بعض الأحيان ﻣﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺑﻌﺛﺎﺕ [اﻷﺛﺭﻳﺔ] ﺍﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ، ﻟﺯﻳﺎﺭﺓ ﻣﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻣﻝ. وﺃﺛﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺗﻭﺍﺻﻝ ﺍﻟﻣﺳﺗﻣﺭ ﺭﻏﺑﺔ ﺃﻭ ﺣﻣﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﺩﺍﺧﻠﻲ ﻟﻠﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺟﺎﻝ.
ﻭﻋﻧﺩﻣﺎ ﻛﻧﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺩﺭﺳﺔ ﺍﻟﺛﺎﻧﻭﻳﺔ، ﻧﺻﺣﻧﻲ ﺑﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻬﻧﺩﺳﺔ. ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻭﻝ ﻟﻲ ﺇﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﺑﺎﻟﻔﻌﻝ ﺃﺷﺧﺎﺻﺎ ﺩﺭﺳﻭﺍ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻭﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﺣﺗﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻬﻧﺩﺳﻳﻥ. ﻭﻟﻡ ﻳﻛﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﺳﻭﻯ ﺍﻟﻘﻠﻳﻝ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﻬﻧﺩﺳﻳﻥ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻳﺭﻏﺑﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻣﻝ في ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ، ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﺧﺭﻯ [ﻛﺎﻧﺕ ﺗﻘﺩﻡ] ﻣﺯﺍﻳﺎ ﺃﻛﺛﺭ ﻭﺩﺧﻼ ﻣﺭﺗﻔﻌﺎ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ، ﻓﺈﻥ ﻣﻌﻅﻡ ﺍﻟﻣﻬﻧﺩﺳﻳﻥ ﻗﺩ ﺑﺩﺃﻭﺍ ﻓﻭﺭ تخرجهم ﻓﻲ ﺍﻟﺑﺣﺙ ﻋﻥ ﻋﻣﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺧﻠﻳﺞ ﻷﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﺗﺏ ﻫﻧﺎﻙ ﺗﺑﻠﻎ ﻋﺷﺭﺓ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ ﺳﻭﺭية. ﺇﻻ ﺇﻥ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﺭﻓﺽ ﺫﻟﻙ ﻗﺎﺋﻼ "ﺇﺫﺍ ﻛﻧﺕ ﺗﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻬﻧﺩﺳﺔ، ﻭﺍﺫﺍ ﻛﻧﺕ ﺗﺣﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﻭﺗﺭﻏﺏ ﺑﺎﻟﻌﻣﻝ ﻫﻧﺎ، ﻓﺈﻥ ﺑﻘﺎءﻙ فيها ﺳﻳﻛﻭﻥ ﺃﻛﺛﺭ ﻗﻳﻣﺔ لك ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺎﻝ. ﺳﻭﻑ ﺗﺑﻧﻲ ﻟﻧﻔﺳﻙ ﺳﻣﻌﺔ ﻁﻳﺑﺔ، ﻭﺳﺗﺑﻧﻲ ﺷﻳﺋًﺎ ﻳﺗﻁﻠﻊ ﺇﻟﻳﻪ ﺍﻵﺧﺭﻭﻥ؛ شيئاً ﻟﻥ ﺗﺗﻣﻛﻥ ﻣﻥ ﺍﻟﺣﺻﻭﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﺣﺗﻰ ﻭﻟﻭ ﺃﻧﻔﻘﺕ ﻛﻝ ﺍﻷﻣﻭﺍﻝ ﺍﻟﺗﻲ ﺍﻛﺗﺳﺑﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ".
ﻭﺇﻧﻧﻲ ﺃﺣﻣﺩ ﷲ ﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻛﺭﺓ ﺃﻋﺟﺑﺗﻧﻲ. ﻟﻘﺩ ﺫﻫﺑﺕ ﺇﻟﻰ ﻛﻠﻳﺔ ﺍﻟﻬﻧﺩﺳﺔ ﻭﺩﺭﺳﺕ. ﺛﻡ ﻋﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﺗﺩﻣﺭ، ﻭﺻﺩﻗﻭﻧﻲ، ﻟﻘﺩ ﺗﻠﻘﻳﺕ ﻋﺭﻭﺿﺎ ﻟﻠﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﺳﻭﺭية ﻭﺃﻣﺎﻛﻥ ﺃﺧﺭﻯ، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺧﻠﻳﺞ، ﻭﻟﻛﻧﻧﻲ ﺭﻓﺿﺗﻬﺎ. ﺣﻳﻧﻬﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻲ: "ﺃﻧﺕ ﺣﺭ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭﻙ، ﻭﻟﻛﻧﻙ ﺣﺗﻰ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﻣﻬﻧﺩﺱ ﺍﻟﻭﺣﻳﺩ ﻓﻲ متحف ﺗﺩﻣﺭ. ﺇﻥ ﺗﺩﻣﺭ ﺑﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻬﻧﺩﺳﻳﻥ". ﻟﺫﺍ ﻓﺈﻧﻧﻲ ﻗﻁﻌﺕ ﻭﻋﺩﺍ ﺃﻣﺎﻣﻪ، ﻭﺃﻗﺳﻣﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻧﻲ ﻟﻥ ﺃﺗﺭﻙ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻣﻬﻣﺎ ﺳﺎءﺕ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺃﻭ ﺍﻷﺣﻭﺍﻝ.
ﻣﺎ ﺍﻟﻣﺷﺎﻋﺭ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺳﻳﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﻭﺭية ﺗﺟﺎﻩ ﻣﻌﺎﻟﻡ ﻣﺎ ﻗﺑﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ؟
ﺑﺩﺃﺕ ﻣﻧﺫ ﻓﺗﺭﺓ ﻗﺻﻳﺭﺓ ﺃﺗﺣﺩﺙ ﻋﻥ ﺗﺩﻣﺭ ﻛﻭﻧﻬﺎ ﻣﻛﺎﻧًﺎ ﻟﻠﺗﺟﺎﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﻳﺔ. ﻟﻘﺩ ﻛﺎﻧﺕ ﻣﺭﻛﺯﺍ ﻟﻛﻝ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ. ﻳﻣﻛﻧﻙ ﺃﻥ ﺗﺟﺩ ﻫﻧﺎﻙ ﺃﻛﺛﺭ ﻣﻥ 20 ﺃﻭ 30 ﻣﻌﺑﺩﺍ. ﺗﻡ ﺍﻟﺗﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﻳﺎ 13 ﻣﻌﺑﺩﺍ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ؛ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻣﻌﺎﺑﺩ ﺍﻟﻣﺷﻬﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﻭﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ ﺍﻟﻣﺣﻳﻁﺔ ﺑﻬﺎ. ﻛﻣﺎ ﻭﻳﻭﺟﺩ ﺃﻛﺛﺭ ﻣﻥ 60 ﺇﻟﻬﺎ ﻣﺫﻛﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻧﻁﻘﺔ. ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ ﺍﻟﻣﺛﺎﻝ، إنك ﺇﺫﺍ ﺫﻫﺑﺕ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﺭﺍ ﺃﻭﺭﺑﻭﺱ فسوف تشاهد آثار [الكنيسة]، ﻭﺍﻟﻣﻌﺑﺩ ﺍﻟﻳﻬﻭﺩﻱ، ﻭﻛﻧﻳﺳﺔ ﺗﺩﻣﺭ، ﻭﺍﻟﻣﻌﺑﺩ ﺍﻟﻭﺛﻧﻲ، ﻭﻏﻳﺭﻫﺎ ﻣﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﺑﺎﺩﺓ، فسوف ﺗﻼﺣﻅ ﺃﻥ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ تدل على ﺃﻳﺩﻳﻭﻟﻭﺟﻳﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ. ﻳُﻠﻬﻡ ﺍﻟﻣﻭﻗﻊ ﺯﻭﺍﺭﻩ ﺑﺄﻥ ﻳﺗﻣﺗﻌﻭﺍ ﺑﻌﻘﻝ ﻣﻧﻔﺗﺢ. ﻓﺈﺫﺍ ﻛﻧﺕ ﺳﺗﺻﺑﺢ ﻭﺳﻳﻁﺎ ﺗﺟﺎﺭﻳﺎ ﺑﻳﻥ ﺍﻟﺷﺭﻕ ﻭﺍﻟﻐﺭﺏ، ﻭﻧﻅﺭﺍ ﻟﻼﺧﺗﻼﻑ ﺍﻟﺣﺎﺩﺙ ﻓﻲ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﺗﻔﻛﻳﺭ ﻭﺃﻧﻣﺎﻁ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ، ﻓﺳﻳﺗﻭﺟﺏ ﻋﻠﻳﻙ ﺍﻟﻌﻣﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﺟﺎﻧﺑﻳﻥ ﻭﻣﺣﺎﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﺗﻛﻭﻥ ﺍﻟﺻﻠﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺭﺑﻁ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ.
ﻭﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ، وفي الوقت الذي ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺭﻭﻣﺎﻥ ﻳﺿﻁﻬﺩﻭﻥ فيه ﺍﻟﻣﺳﻳﺣﻳﻳﻥ، ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ ﺍﻟﻣﺳﻳﺣﻲ ﺗﻭﺍﺟﺩ ﻓﻲ ﺑﻼﻁ ﺯﻧﻭﺑﻳﺎ. ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺿﺭﺏ ﻣﺛﺎﻝ ﺁﺧﺭ ﻓﺳﻧﺗﺣﺩﺙ ﻋﻥ ﻣﻌﺑﺩ ﺑﻝ. لقد ﻅﻠﺕ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﺳﻳﻼ (ﻗﺩﺱ ﺍﻷﻗﺩﺍﺱ) ﻟﻣﻌﺑﺩ ﺑﻝ ﻣﺳﺗﺧﺩﻣﺔ ﺣﺗﻰ ﻋﺎﻡ 1930 ﻛﻣﺳﺟﺩ. ﻭﻛﺎﻧﺕ ﻗﺩ ﺃﺳﺗﺧﺩﻣﺕ ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻛﻛﻧﻳﺳﺔ. لقد ﺗﺭﻛﺕ ﺍﻟﻛﻧﻳﺳﺔ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺭﺳﻭﻣﺎ ﻟﻸﻡ ﺍﻟﻌﺫﺭﺍء ﻭﻳﺳﻭﻉ ﺍﻟﻣﺳﻳﺢ ﻭﺍﻟﺣﻭﺍﺭﻳﻳﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺟﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺭﺑﻲ ﺩﺍﺧﻝ ﺍﻟﺳﻳﻼ.
ﻭﻗﺩ ﺍﺳﺗﻣﺭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺳﻭﻣﺎﺕ مرئية ﺣﺗﻰ ﺗﻡ ﺗﺩﻣﻳﺭ ﺍﻟﻣﻌﺑﺩ. ﻭﻫﺫﺍ ﻳﻌﻧﻲ ﺃﻧﻪ ﺣﺗﻰ ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺗﻭﺍﺟﺩ ﺍﻟﻣﺻﻠﻭن ﺍﻟﻌﺭﺏ، أي ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺗﺣﻭﻟﺕ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﺳﻳﻼ ﺍﻭ ﻗﺩﺱ ﺍﻷﻗﺩﺍﺱ ﺇﻟﻰ ﻣﺳﺟﺩ، ﻛﺎﻧﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺳﻭﻡ ﻣﻭﺟﻭﺩﺓ. ﻳﻭﺿﺢ ﺫﻟﻙ ﺃﻧﻪ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻳﻧﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻣﺎﺿﻲ ﻭﻗﺑﻝ ﺫﻟﻙ، ﺃﻋﻧﻲ ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺗﻡ ﺗﺣﻭﻳﻝ ﺍﻟﻣﻌﺑﺩ ﺇﻟﻰ ﺣﺻﻥ ﻭﺍﻟﺣﺭﻡ ﺍﻟﻛﻧﺳﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺳﺟﺩ ﻋﺎﻡ 1230 ﺃﻭ 1130، ﻛﺎﻧﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺻﻭﺭ ﺍﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ ﺍﻟﺷﻬﻳﺭﺓ ﻣﻭﺟﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﺩﺍﺭ ﺍﻟﻣﺳﺟﺩ ﻭﻟﻡ ﺗﻣﺱ ﺃﻭ ﺗﺗﻌﺭﺽ ﻟﻺﺗﻼﻑ.
ﻳﻣﻛﻧﻙ ﺃﻳﺿﺎ ﺍﻻﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩﻳﺩ ﻣﻥ ﺍﻷﻣﺛﻠﺔ ﺍﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﻳﻊ ﺃﻧﺣﺎء سورية. ﻭﻳﺭﺟﻊ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻳﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺷﻌﺏ ﺍﻟﺳﻭﺭﻱ ﻳﺣﺗﻝ ﻣﻛﺎﻧﺔ ﺍﻟﻭﺳﻳﻁ ﺑﻳﻥ ﻛﻝ ﺍﻟﺷﻌﻭﺏ ﺑﺳﺑﺏ ﻣﻭﻗﻌﻬﻡ ﺍﻟﻣﺭﻛﺯﻱ، ﻧﺣﻥ ﻫﻧﺎ ﻧﺗﺣﺩﺙ ﻋﻥ ﻣﻭﻗﻊ ﺳﻭﺭية الطبيعية. ﺇﻧﻪ ﺷﻌﺏ ﻣﻧﻔﺗﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺗﻧﻭﻉ ﺍﻟﺩﻳﻧﻲ، ﻭﻋﻠﻰ ﺟﻣﻳﻊ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ، ﻭﻋﻠﻰ ﺟﻣﻳﻊ ﺍﻟﺛﻘﺎﻓﺎﺕ. ﻟﺫﺍ، ﻓﺈﻥ ﻁﺭﻳﻘﺔ ﺍﻟﺗﻔﻛﻳﺭ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺗﻬﺎ ﺩﺍﻋﺵ ﻭﺍﻟﺟﻣﺎﻋﺎﺕ ﺍﻷﺧﺭﻯ تُعَدُّ ﻏﺭﻳﺑﺔ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﺟﺗﻣﻊ. ﺗﻣﺛﻝ ﺩﺍﻋﺵ ﺻﻭﺭﺓ ﺳﻠﺑﻳﺔ ﻭﻻ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﺗﻛﻭﻥ ﺍﻟﺗﻌﺑﻳﺭ ﺍﻟﺻﺣﻳﺢ ﻋﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ. ﻟﻘﺩ ﺣﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺗُﻣﺛﻝ ﺃﻓﻛﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻟﻛﻧﻬﺎ ﺷﻭﻫﺕ ﺻﻭﺭﺗﻪ. ﻭﻗﺩ ﻛﺎﻧﺕ ﻋﺭﺿﺔ ﻟﻼﺳﺗﻐﻼﻝ من ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ، ﻭﻣﻥ ﻏﻳﺭ ﺍﻟﻣﺳﻠﻣﻳﻥ، ﻭﻣﻥ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺎﺕ، ﻭﻣﻥ ﺟﻣﺎﻋﺎﺕ ﻏﻳﺭ ﺣﻛﻭﻣﻳﺔ، ﻭﻣﻥ ﻣﻧﻅﻣﺎﺕ ﺃﺧﺭﻯ؛ ﻟﻘﺩ ﻋﻣﻠﺕ ﻛﻝ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺗﻐﻼﻝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺟﻣﺎﻋﺔ. ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺟﻣﻳﻊ ﺍﻻﻧﺗﻔﺎﻉ ﻣﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻭﺍﺳﺗﻔﺎﺩﻭﺍ ﻣﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﻟﺗﻌﺯﻳﺯ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﻡ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ. ﺇﻻ ﺇﻧﻪ ﻭﻟﺳﻭء ﺍﻟﺣﻅ، ﻛﺎﻧﺕ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻣﺳﺭﺣﺎ ﻟﺗﺻﻔﻳﺔ ﺣﺳﺎﺑﺎﺕ ﻣﻌﻘﺩﺓ.
ﻣﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺭﻳﺔ ﺍﻵﻥ؟
ﻳﺅﺳﻔﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﻭﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﻗﺩ ﺩﻣﺭﺕ. ﻭﺃﺻﺑﺣﺕ ﺃﻧﻘﺎﺿﺎ. ﺃﻋﺗﻘﺩ ﺃﻥ ﻋﺩﺩ ﺳﻛﺎﻧﻬﺎ ﻛﺎﻥ يقترب ﻣﻥ الـ 90 ﺃﻟﻔًﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 2015. ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺣﺩﺩ ﻋﺩﺩﻫﻡ ﺍﻵﻥ، ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺗﺄﻛﺩ ﻣﻥ ﺃﻧﻪ ﻟﻡ ﻳﺗﺑﻖ ﻫﻧﺎﻙ ﻣﻥ ﺑﻳﻥ ﺳﻛﺎﻥ ﺗﺩﻣﺭ ﺃﻛﺛﺭ ﻣﻥ ﺃﻟﻑ ﺷﺧﺹ، ﻟﻥ ﻳﺗﺟﺎﻭﺯﻭﺍ 1500 ﺷﺧﺹ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ. ﺃﺻﺑﺣﺕ ﻫﻧﺎﻙ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﻭﻓﻳﺭ ﺍﻟﻛﻬﺭﺑﺎء ﻟﺟﻣﻳﻊ ﺃﻧﺣﺎء ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ. ﻛﻣﺎ ﺍﻧﺗﺷﺭ ﺍﻟﺩﻣﺎﺭ ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﻛﺎﻥ. ﻭﺍﻥ ﺍﻟﻣﻳﺎﻩ ﻣﺗﻭﻓﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻁﻖ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﻓﻘﻁ ﺑﺎﻟﻘﺭﺏ ﻣﻥ ﺍﻟﺟﺯء ﺍﻟﺷﻣﺎﻟﻲ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ. في حين ﺃﻥ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺧﺩﻣﺎﺕ ﺍﻟﻁﺑﻳﺔ ﻣﻘﺑﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺩ ﻣﺎ. إن ﻣﺳﺗﻭﻯ ﺗﻭﻓﺭ ﺍﻟﻣﺎء ﻭﺍﻟﻛﻬﺭﺑﺎء ﺿﻌﻳﻑ ﺟﺩﺁ. ﺇﺫﺍ ﻗﺭﺭ ﺃﻱ ﺃﺣﺩ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟﻳﻬﺎ ﺍﻵﻥ، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻳﺭﻯ ﻣﺩﻳﻧﺔ ﺃﺷﺑﺎﺡ ﺑﻛﻝ ﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﺍﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣﻥ ﻣﻌﻧﻰ. ﺇﻧﻧﻲ ﺃﺷﻌﺭ ﺑﺎﻷﺳﻰ ﻟﻘﻭﻟﻲ ﺫﻟﻙ. ﺃﺗﻣﻧﻰ ﺃﻥ ﺃﻋﻭﺩ ﻳﻭﻣﺎ ﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺩﻣﺭ.
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻫﺎﻟﻲ ﺗﺩﻣﺭ ﺍﻟﺫﻳﻥ ﻏﺎﺩﺭﻭﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻌﻠﺕ، ﻫﻝ ﻫﻧﺎﻙ ﺃﻣﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻳﻬﺎ ﻟﻳﻌﻳﺩﻭﺍ ﺑﻧﺎء ﺍﻟﻘﺭﻳﺔ؟
ﺃﺗﻌﻧﻲ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ؟ ﻧﻌﻡ ﺑﻛﻝ ﺗﺄﻛﻳﺩ. ﻻ ﻳﻣﻛﻥ ﻷﻱ ﺇﻧﺳﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻬﺟﺭ ﻭﻁﻧﻪ. ﻭﻛﻣﺎ ﻳُﻘﺎﻝ ﻓﻲ الشعر ﺍﻟﻌﺭﺑﻲ "نَقّل ﻓُﺅﺍﺩﻙ ﺣﻳﺙ ﺷﺋﺕ مِنّ ﺍﻟﻬﻭﻯ / ﻣﺎ ﺍﻟﺣﺏ إلّا ﻟﻠﺣﺑﻳﺏ الأوَّلِ/ ﻛﻡ ﻣﻧﺯلٍ ﻓﻲ ﺍﻷَﺭﺽِ ﻳﺄﻟَﻔُﻪُ ﺍﻟﻔَﺗﻰ / ﻭﺣﻧﻳﻧُﻪُ أبداً لأوَّلِ ﻣﻧﺯِﻝِ". ﻳﻣﺛﻝ ﻭﻁﻥ ﺍﻹﻧﺳﺎﻥ ﺟﺯءﺍ ﻣﻥ ﻫﻭﻳﺗﻪ، ﻭﺟﺯءﺍ ﻣﻥ ﺭﻭﺣﻪ، ﻓﻔﻳﻪ ﺫﻛﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺫﻛﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻣﺭﺗﺑﻁﺔ ﺑﺎﻷﺳﺭﺓ ﻭﺍﻷﻗﺎﺭﺏ. ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻣﻛﺎﻥ ﻳﻣﺛﻝ ﺟﺯءﺍ ﻣﻥ ﻫﻭﻳﺗﻙ ﻭﺷﺧﺻﻳﺗﻙ. ﻭﺳﺗﺷﻌﺭ ﺩﺍﺋﻣﺎ ﺑﺎﻟﺭﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻳﻪ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧﺕ ﺍﻷﻣﺎﻛﻥ ﺍﻟﺗﻲ ﺫﻫﺑﺕ ﺇﻟﻳﻬﺎ.
ﻭﺃﺭﻳﺩ ﺃﻥ ﺃﺧﺑﺭﻛﻡ ﺃﻧﻧﺎ لم ﻧﻐﺎﺩﺭ ﺃﻭ ﻧﺫﻫﺏ ﻣﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﻷﻧﻧﺎ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺫﻟﻙ. ﻟﻘﺩ ﺃُﺟﺑﺭﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻝ ﺫﻟﻙ. ﻟﻘﺩ أُﺟﺑﺭﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺑﺣﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ، ﻭﻋﻥ ﺍﻷﻣﺎﻥ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺭﺏ ﻣﻥ ﺍﻟﻣﻭﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﻳﺣﺻﺩ ﺣﻳﺎﺓ ﻣﻌﻅﻡ ﺍﻷﺷﺧﺎﺹ ﻫﻧﺎﻙ. ﻁﻣﻭﺣﻧﺎ ﺟﻣﻳﻌﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﻭﺩ، ﺇﻻ ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻣﺭ ﻟﻳﺱ ﺑﺄﻳﺩﻳﻧﺎ ﺇﻁﻼﻗًﺎ. ﺇﺫ ﺃﺻﺑﺣﺕ ﻫﺫﻩ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺩﻭﻟﻳﺔ ﺍﻵﻥ ﺑﻛﻝ ﺃﺳﻑ. ﺇﻥ ﻛﺛﺭﺓ ﺍﻟﻁﻬﺎﺓ ﺗﻔﺳﺩ ﺍﻟﻁﺑﺧﺔ. ﻟﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻋﻭﺩﺗﻧﺎ ﻟﻥ ﺗﻛﻭﻥ ﻗﺭﻳﺑﺔ. ﻭﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﺄﻣﻝ ﺑﺄﻥ ﻳﺗﻣﻛﻥ ﺍﻟﺟﻣﻳﻊ ﻣﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻓﻲ ﻳﻭﻡ ﻣﺎ. ﺳﻳﻘﺩﻡ ﺍﻟﺟﻣﻳﻊ ﻳﺩ ﺍﻟﻣﺳﺎﻋﺩﺓ، ﻭﻟﺫﺍ ﻓﺈﻧﻬﻡ ﻳﺗﺣﺭﻗﻭﻥ ﺷﻭﻗًﺎ ﻟﻠﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻫﻧﺎﻙ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻧﺎء ﺍﻟﻣﻛﺎﻥ.
ﻛﻳﻑ ﻫﻲ ﺣﻳﺎﺗﻙ ﺍﻟﻳﻭﻡ ﻓﻲ ﻟﻳﻭﻥ ﺑﻔﺭﻧﺳﺎ؟
ﻷﻛﻭﻥ ﻭﺍﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ، ﺃﻧﺎ ﻻﺟﺊ ﺳﻭﺭﻱ. ﺇﻧﻬﺎ ﺣﻳﺎﺓ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﺑﺎﻟﻁﺑﻊ ﻟﻡ ﺃﻛﻥ ﺃﻓﻛﺭ ﻣﻁﻠﻘًﺎ ﻓﻲ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺗﺩﻣﺭ ﻓﻲ ﺑﺩﺍﻳﺔ ﺍﻷﻣﺭ ﻭﻻ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺳﻭﺭية، ﻭﻟﻛﻥ ﺻﺣﺗﻲ ﺃﺟﺑﺭﺗﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺟﻭء ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﺣﺩﺙ ﻟﻲ، ﻭﻣﺎ ﺣﺩﺙ ﻟﻭﺍﻟﺩﻱ، ﻭﻣﺎ ﺣﺩﺙ ﻟﻧﺎ ﻛﻌﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻛﻣﻠﻬﺎ، ﻭﻛﺫﻟﻙ ﻣﺎ ﺣﺩﺙ ﻟﺗﺩﻣﺭ -ﻛﻣﺎ ﺗﻌﻠﻡ- ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ صدمة كبيرة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻲ. ﻟﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺍﺿﻁﺭﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺑﺗﻌﺎﺩ ﺣﺗﻰ ﺃﺗﻣﻛﻥ ﻣﻥ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺻﺣﻳﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺃﺣﺗﺎﺟﻬﺎ. ﻭﻛﻣﺎ ﻗﻠﺕ ﺳﺎﺑﻘًﺎ، ﺳﺄﻛﻭﻥ ﺟﺎﻫﺯﺍ ﺇﻥ ﺷﺎء ﷲ ﻟﻠﻌﻭﺩﺓ ﻷﻛﻭﻥ ﺟﺯءﺍ ﻣﻥ ﺟﻬﻭﺩ ﺍﻟﺑﻧﺎء ﺇﺫﺍ ﺑﺩﺃﺕ ﻗﺭﻳﺑﺎ ﺃﻭ ﺇﺫﺍ قُدّرَ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﻝ ﺫﻟﻙ.
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻟﻳﻭﻥ، ﻓﺄﻧﺎ ﺃﻋﻳﺵ ﺣﻳﺎﺓ ﺑﺳﻳﻁﺔ ﻣﺛﻝ ﺃﻱ ﺷﺧﺹ ﻋﺎﺩﻱ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻧﻲ ﺃﺗﻣﺗﻊ ﺑﺻﺣﺗﻲ. ﻭﺃﺻﺑﺢ ﻟﺩﻱ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻣﻥ ﺃﺟﻝ ﺍﻟﻘﺭﺍءﺓ ﻭﺍﻟﺗﻌﻠﻡ. ﻟﻘﺩ ﻣﻧﺣﻧﻲ ﺗﻭﺍﺟﺩﻱ ﻓﻲ ﻓﺭﻧﺳﺎ ﻓﺭﺻﺔ ﻟﻘﺭﺍءﺓ ﺍﻟﻛﺛﻳﺭ ﻣﻥ ﺍﻟﻛﺗﺏ ﻭﺍﻟﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﻣﻬﻣﺔ ﺣﻭﻝ ﺗﺩﻣﺭ، ﻭﺫﻟﻙ ﺑﺳﺑﺏ ﻣﻌﺭﻓﺗﻲ السابقة ﺑﺗﺩﻣﺭ ﻭﺇﻟﻣﺎﻣﻲ ﺑﺄﺣﻭﺍﻟﻬﺎ، ﻭﻛﺫﻟﻙ ﻓﻳﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻝ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻓﻛﺭ ﻓﻳﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺗﻣﻛﻧﺕ ﻣﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻭﺍﻟﻣﺳﺎﻋﺩﺓ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ.
ﻳﺿﻡ ﻣﺗﺣﻑ ﻟﻳﻭﻥ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﻣﻧﺣﻭﺗﺎﺕ ﺍﻟﻣﻬﻣﺔ. ﻣﺎ ﺷﻌﻭﺭﻙ ﺣﻳﺎﻝ ﻭﺟﻭﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻁﻊ ﻣﻥ ﻣﺩﻳﻧﺗﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﺗﺣﻑ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺩ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻣﻳﺎﻝ ﻣﻥ ﻣﻭﻁﻧﻬﺎ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﺳﻭﺭية ﺭﻏﻡ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﻗﺭﻳﺑﺔ ﻣﻧﻙ؟
ﻧﻌﻡ ﺃﻋﻠﻡ ﺫﻟﻙ. ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ ﺗﺷﻌﺭ ﻟﻠﺣﻅﺔ ﺑﺎﻟﺿﻳﻖ ﺃﻭ ﺍﻷﺫﻯ ﻟﺭﺅﻳﺔ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺃﻭ ﺣﺿﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﻭﺍﻗﻊ ما ﻣﻧﺗﺷﺭﺓ ﻓﻲ ﺟﻣﻳﻊ ﺃﻧﺣﺎء ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ. ﻟﻛﻧﻧﻲ ﺃﻋﺗﻘﺩ ﺃﻳﺿﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻁﻊ ﺷﺎﻫﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛﻝ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻥ ﻧﻭﻉ ﻣﺎ. ﻟﺫﻟﻙ، ﻭﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺷﺧﺹ ﻳﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﻣﺗﺣﻑ ﺍﻟﻔﻧﻭﻥ ﺍﻟﺟﻣﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﻟﻳﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ ﺍﻟﻣﺛﺎﻝ، ﺃﻭ ﻣﺗﺣﻑ Ny Carlsberg Glyptotek، ﺃﻭ ﻣﺗﺎﺣﻑ ﺃﺧﺭﻯ ﺣﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻳﺳﺄﻝ ﻋﻥ ﺗﺩﻣﺭ، ﻭﺳﻳﺩﺭﺳﻬﺎ، ﻭﺳﻳﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺫﻫﺎﺏ ﺇﻟﻳﻬﺎ عندما ﻳﺭﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻭﻳﺗﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻠﻬﺎ. ﻳُﺳﺗﺧﺩﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻧﻭﻉ ﻣﻥ ﺍﻟﺩﻋﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ. ﻭﻫﻲ ﻁﺭﻳﻘﺔ ﻟﻠﺗﻌﺭﻳﻑ ﺑﺗﺩﻣﺭ. ﻭﺑﺫﻟﻙ ﻓﺄﻧﺕ ﺗُﻧﺷﺊ ﻧﻭﻋﺎ ﻣﻥ ﺍﻻﺳﺗﺛﻣﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ ﺍﻟﻣﺩﻳﻧﺔ ﻣﻥ ﺍﻟﻧﺎﺣﻳﺔ ﺍﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺗﺻﺎﺩﻳﺔ.
ﻟﺫﺍ ﻭﻛﻣﺎ ﻗﻠﺕ ﺳﺎﺑﻘًﺎ، ﻟﻘﺩ ﺷﻌﺭﺕ ﺑﺄﻟﻡ ﻣﻥ ﺭﺅﻳﺔ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺑﺩﺍﻳﺔ. ﻟﻛﻧﻧﻲ ﻭﺍﺳﻳﺕ ﻧﻔﺳﻲ ﻣﺫﻛﺭﺍ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺑﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻁﻊ ﻻﺟﺋﺔ ﻣﺛﻠﻲ. ﺇﻧﻧﻲ ﻣﻣﺗﻥ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻝ ﻣﺗﻭﺍﺟﺩﺓ ﻓﻲ ﻟﻳﻭﻥ. ﺗﻌﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺗﻣﺎﺛﻳﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻧﻘﻭﺵ ﺗﺫﻛﺎﺭﺍﺕ ﻣﻥ ﺗﺩﻣﺭ ﻓﻲ ﻟﻳﻭﻥ ﻭﻣﺗﺎﺣﻑ ﺃﺧﺭﻯ. ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺟﻌﻠﻧﻲ ﺃﺷﻌﺭ ﺑﺎﻟﻘﺭﺏ ﻣﻥ ﺗﺩﻣﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻣﻥ ﺑﻌﺩﻱ ﻋﻧﻬﺎ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻛﻳﻠﻭﻣﺗﺭﺍﺕ. ﺃﺣﻣﺩ ﷲ ﺃﻥ ﻫﻧﺎﻙ ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﺗﺣﻑ ﺃﻭﺭﻭﺑﻲ ﺃﺷﻳﺎء ﻗﺎﺩﻣﺔ ﻣﻥ ﺳﻭﺭية ﻭﻣﻥ ﺗﺩﻣﺭ. ﺇﺫ ﺇﻧﻧﻲ ﺃﺟﺩ فيها ﻗﻁﻌﺔ ﻣﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﺗﺣﻑ ﻋﻧﺩﻣﺎ ﺃﺷﺎﻫﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺷﻳﺎء.
ﻟﺩﻱ ﺳﺅﺍﻝ ﺃﺧﻳﺭ: ﻣﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺗﺭﻳﺩ ﺃﻥ ﻳﻌﺭﻓﻪ ﺍﻟﻧﺎﺱ ﻋﻥ ﺗﺩﻣﺭ؟
ﺃﺗﻣﻧﻰ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻡ ﺍﻟﺟﻣﻳﻊ ﺃﻫﻣﻳﺔ ﺍﻟﺣﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣﻥ ﺗﺩﻣﺭ. ﻭﺃﺭﺟﻭ ﺃﻥ ﻳﻌﺭﻓﻭﺍ ﻣﺩﻯ ﺃﻫﻣﻳﺔ ﺍﻟﺣﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻣﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺗﺭﺍﺙ ﺍﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻫﺫﻩ ﺑﺻﻭﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ، ﺳﻭﺍء ﺃﻛﺎﻧﺕ ﻣﺳﺟﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺍﻟﻳﻭﻧﺳﻛﻭ ﺃﻡ ﻻ. ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺟﺯء ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺟﻌﻠﻧﺎ ﺑﺷﺭﺍ، ﻭﺟﺯءﺍ ﻣﻥ صيرورة ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺍﻟﺗﻲ ﻧﻌﻳﺷﻬﺎ، ﻭﺟﺯءﺍ ﻣﻥ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻣﺳﺗﻣﺭ.
ﺑﺎﻟﺣﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ ﻧﺣﺎﻓﻅ ﻋﻠﻰ ﻫﻭﻳﺗﻧﺎ ﻭﺷﺧﺻﻳﺗﻧﺎ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻛﻭﻧﺎﺗﻧﺎ ﺍﻟﺫﺍﺗﻳﺔ. ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻱ -ﺭﺣﻣﻪ ﷲ- ﻳﻘﻭﻝ: "الإنسان ﺑﻼ ﻣﺎض ﻫﻭ ﺇﻧﺳﺎﻥ ﺑﻼ ﺣﺎﺿﺭ ﻭبلا ﻣﺳﺗﻘﺑﻝ." ﻳﺟﺏ ﺃﻥ ﻧﺗﻣﺳﻙ ﺑﺎﻟﻣﺎﺿﻲ ﻭﻧﺗﻌﻠﻡ ﻣﻥ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ. ﻳﻣﺛﻝ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺫﻱ ﻧﺗﺣﺩﺙ ﻋﻧﻪ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺣﺿﺎﺭﺍﺕ ﺟﺯءﺍ ﻻ ﻳﺗﺟﺯﺃ ﻣﻥ ﺍﻟﺗﺟﺭﺑﺔ ﺍﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ.